سهيل نيوز - متابعات:
يبدو أن الخناق بدأ يضيق فعلياً على الحوثيين وحلفائهم، ومع اشتداد
الهجمات التي تنفذها المقاومة الشعبية في أكثر من منطقة يمنية مسنودة بطيران التحالف
العربي، بدأوا يفكرون في ملاذات آمنة تقيهم شر الكلفة الباهظة التي دفعوها في أكثر
من جبهة حرب.
ففي عدن، جنوبي اليمن، حققت المقاومة انتصاراً كبيراً وباتت المدينة
شبه خالية من مسلحي الحوثي والقوات الموالية للرئيس "صالح"، وبدأت المقاومة
و"قوات الشرعية" تبسط نفوذها على أجزاء واسعة من عدن، في وقت وجيز وعمليات
نوعية خاطفة.
وفي مأرب، شرقي البلاد، ما يزال الحوثي عاجزاً عن الدخول منذ ما
يقارب عشرة أشهر، خاضت ضده المقاومة الشعبية معارك شرسة كبدته مئات القتلى والجرحى،
اضطر معها الكثير من أنصاره إلى العودة إلى مدنهم، حسب شهادات سكان محليين في عمران
وصعدة.
أما في تعز، وسط اليمن، المدينة الأكثر كتلة سكانية في اليمن، والتي
تقف غالبيتها ضد مشروع الحوثي، وتنشط فيها عمليات المقاومة الشعبية مسنودة بوحدات عسكرية
توالي الحكومة الشرعية ، فيما يشبه حرب الشوارع، وعمليات كر وفر، استنزفت خلالها قوة
الحوثي و"صالح" بشكل كبير، وفقاً لاحصائيات القتلى والجرحى وتدمير المعدات
والآليا العسكرية.
هذا التضييق الذي يواجهه الحوثيون جعلهم يتراجعون إلى العاصمة صنعاء،
إذ عززوا من انتشارهم فيها، ليشمل الأحياء الفرعية والرئيسية. حسب سكان في المدينة.
ورصد مراسلو "يمن مونيتور" انتشاراً واسعاً للمسلحين الحوثيين
في شارع المطار،شمال صنعاء، والستين (غرب) والشوارع الفرعية (هائل والرقاص والدائري
والقاع والتحرير)، في حين بدأوا يتخذون من مباني أقسام الشرطة والنقاط العسكرية مقراً
لتواجدهم.
وكثفت الدوريات العسكرية التابعة للحوثيين من عمليات التجوال في
شوارع المدينة، ومناطق القبائل المجاورة لصنعاء، في بني الحارث و همدان و الحيمة ووبني
مطر، بحسب سكان محليين.
وينتشر مسلحو الحوثي بشكل لافت غرب صنعاء وتحديداً في المنطقة بين
عصر والصباحة، وبالقرب من معسكر الصباحة التابع للحرس الجمهوري (سابقا) وهي قوات موالية
للرئيس السابق "علي عبدالله صالح".
سكان محليون قالوا لـ"يمن مونيتور" إن المسلحين الحوثيين
كثفوا من تواجدهم على "المدخل" الجنوبي الشرقي للعاصمة صنعاء، بعدة دوريات
قادمة من محافظة ذمار.
وشدد الحوثيون إجراءات التفتيش على مدخل صنعاء الشمالي، واستحدثت
نقاط تابعه لهم في "همدان"، و "وادي ظهر" وحتى شارع الستين، وسط
العاصمة صنعاء.
في المقابل، نشطت بشكل دراماتيكي ما تُطلق على نفسها "مقاومة
آزال"، وبدأت تنفذ عملياتها في قلب العاصمة صنعاء، مستهدفة نقاط وتجمعات للحوثيين،
أوقعت عشرات القتلى والجرحى.
ووفق مراقبين، فإن هذا النزوح العكسي، إن صح التعبير، للمسلحين الحوثيين
إلى صنعاء، يشي بأن قدرتهم على المواجهة في الجبهات الأخرى ضعفت، وأنهم تعرضوا لعمليات
استنزاف كبيرة منذ أواخر سبتمبر/ أيلول الماضي، عندما قرروا أن يمدّوا نفوذهم نحو مناطق
الجنوب والشرق والوسط.
والسؤال المطروح: هل يمكن القول بأن صنعاء ستكون آخر ملاذات الحوثيين
"الآمنة" في حين قرروا الانسحاب من جنوب ووسط وشرق البلاد؟!
وحقيقةً، لا أحد بوسعه التكهن ما إذا كان الحوثيون قادرون على تحصين
صنعاء والاستمرار ببسط سيطرتهم عليها لمدة أطول من الزمن، إذْ هدد قائد عملية تحرير
عدن العميد عبد الله الصبيحي "أن المقاومة اليمنية أعدت خطة لاستكمال تحرير باقي
المدن الجنوبية والانتقال عبر محورين، إلى مدينتي تعز ومأرب، لتحريرهما من قبضة المتمردين".
"الصبيحي" قال لصحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية،
إن "القوات الموالية للشرعية وضعت استراتيجية لتنفيذها خلال الأيام المقبلة، بالتنسيق
مع قوات التحالف، تتمثل في تطهير أكبر مساحة من الأراضي اليمنية الواقعة تحت سيطرة
الانقلابيين، والوصول إلى مشارف العاصمة صنعاء ومحاصرتها بهدف إبعاد الحوثيين وحلفائهم
من أنصار الرئيس السابق علي عبد الله صالح، منها، في غضون 15 يومًا".
وأشار إلى أنه "تم وضع كل الاحتمالات التي يمكن أن تواجه القوات،
مثل انتشار القناصة وزرع الألغام في مساحات مختلفة ومتنوعة في الاعتبار"، موضحاً
أن "القوة العسكرية التي ستنفذ العملية يفوق عددها ألفي جندي يرافقهم بعناصر من
المقاومة الشعبية، وبإسناد من طيران التحالف.
ويرى المحلل السياسي اليمني "عبدالله اسماعيل" أن
"الحوثيين إما بغباء سياسي أو بطبيعة التكوين الشمولي الايدلوجي للجماعة يقومون
بسقطات سياسية وعسكرية واخلاقية مريعة، انتصارهم السريع والسهل الذي بني على حسابات
خاطئة لخصومهم وخيانات ساعدتهم في التحكم بالمؤسسة العسكرية، وأيضا التحالف الواضح
مع رموز الفساد السابق، كل ذلك اعطاهم شعورا خادعا ومزورا بالقوة والغلبة، واحساسا
بالتفوق، بل اعادوا ذلك للتوفيقات الإلهية و"الدعم السماوي" كأي جماعة شوفينية
راديكالية دينية متطرفة ."
وأضاف "اسماعيل" في حديث خاص لـ"يمن مونيتور"،
"في تصوري أن ذلك الإحساس جعل الجماعة تتصرف بفوقية، وانفراد واستعلاء، وسجلت سقوطا أخلاقيا بشكل متسارع
وقياسي دون التفات إلى ردود الأفعال سواء في المناطق التي تزيد فيها نسبة حاضنتهم الاجتماعية،
أو تلك التي تقل فيها، مع التاكيد أن الجماعة لا تملك حاضنة كلية في أي منطقة من المناطق
شمالاً أو جنوباً، وتلك التصرفات والأعمال ساعدت على تنامي السخط الشعبي على الجماعة،
وقوّت مشاعر الإحساس بمسؤوليتها على كل التردي الحاصل في البلد، عسكرياً واقتصادياً
واجتماعياً، بل أدى استخفاف الجماعة بالقتلى الذين تسوقهم إلى المحارق في الجبهات الداخلية
أو الخارجية على ازدياد سخط من نوع خطر تمثله تلك القبائل والمناطق التي شعرت بأن ابناءها
يذهبون ضحية مغامرة همجية تدفع ثمنها الجماعة من دماء الاخرين" .
وأشار إلى "أن الحوثيين مارسوا فضائع ضد القبائل والمناطق المحيطة
بصنعاء، وتلك التي نالت النصيب الأكبر من القتل والتفجير والفجور في الخصومة في المناطق
التي مثلت الطريق الى صنعاء".
كل ما سبق يؤكد أن صنعاء وماجاورها من المحافظات والمدن لن تكون
خياراً جيداً أو مقبولا لتمركز الجماعة في معركتها الأخيرة مع المقاومة والشعب اليمني،
وستتجه شمالاً أكثر لتعود الى منطقتها الجغرافية السابقة مع تغير مهم، وهو أنها ستكون
هذه المرة أضعف وغير قادرة على مواجهة السخط الداخلي لتلك المناطق، أو الاستحقاقات
مع من اساءت لهم، وذهبت في محاربتهم إلى حد الوقاحة والعبثية من المحافظات الأخرى
.
ويختم بالقول، "قد تتشبث الجماعة إلى حين بمواقعها، وقد تصمد
في مواجهة الغضب الشعبي، وقد تؤخر نهايتها العسكرية قليلاً .. لكني أثق تماماً أن النهاية
ستاتي أقرب مما تتصور، وقد تكون سلماً بعد انكسار عسكري مزلزل".
يمن مونيتور
يمن مونيتور
