سهيل نيوز - الخليج:
تمثل
قاعدة العند الجوية العسكرية، الواقعة في محافظة لحج، على بعد نحو 60 كيلومتراً شمالي
مدينة عدن، كبرى مدن جنوب اليمن، واحدة من أهم القواعد العسكرية في البلاد، حيث كانت
ولا تزال تشكل واحدة من الأهداف التي يسعى أطراف الصراع العسكري إلى السيطرة عليها
وامتلاكها واستخدامها في الصراع الدائر منذ عدة أشهر.
ومنذ
استعادتها في شهر يوليو/ تموز الماضي من قبل المقاومة الشعبية المدعومة بقوات التحالف
العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، ازدادت أهمية القاعدة للشرعية اليمنية ولقوات
التحالف العربي التي نفذت قبل الاستيلاء عليها هجمات منسقة لاستعادتها مستخدمة مختلف
أنواع الأسلحة لانتزاعها من الميليشيات التابعة لجماعة الحوثي، الموالية لطهران، وقوات
الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح بعدما كانت هذه القوات قد تمكنت من السيطرة عليها
في الأيام الأولى لشن الحرب على قوات الشرعية في السادس والعشرين من مارس/ آذار الماضي.
خلال
الأيام القليلة الماضية تزايدت أهمية القاعدة العسكرية في ظل احتدام المعارك بين قوات
الشرعية والقوات الموالية للحوثيين وصالح، حيث تشير مصادر عسكرية إلى أن قوات التحالف
العربية تستعد لبدء تشغيل القاعدة خلال يومين لتكون منطلقاً للضربات الجوية على مواقع
المتمردين في مختلف مناطق البلاد.
وتحت
الغطاء الجوي لطائرات التحالف خلال الشهر قبل الماضي تمكنت المقاومة الجنوبية من استعادة
السيطرة على القاعدة بشكل كامل، حيث رأى مراقبون أن استعادة القاعدة شكل ضربة قاصمة
لميليشيات الحوثي وقوات صالح، إذ إن إحكام السيطرة عليها يقطع طريق الإمدادات القادمة
لميليشيات الحوثي وصالح من صنعاء عبر خط تعز عدن بكل تفرعاته، خاصة أنها تضم هناجر
وورشا لصيانة الطائرات ومتاريس ومرابض للطائرات، وهي أشبه بمدينة كاملة فيها مساكن
للضباط وعائلاتهم، إضافة إلى مستشفى ومدارس.
ورأى
مراقبون أن استعادة العند من شأنها أن تقرب موعد تحرير مدينة تعز، التي لا تزال تتعرض
لقصف وحشي من قبل قوات الحوثي وأنصار الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح منذ شهر إبريل/
نيسان الماضي.
ويشير
أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء عبد الباقي شمسان إلى أن «عمليات قوات المقاومة والجيش
الموالي للشرعية لن تتوقف عند تحرير قاعدة العند مهما كانت الضغوط الخارجية، ليس لأن
دول عاصفة الأمل لا تثق من خلال خبرتها بسلوكات الحوثيين والمخلوع صالح، بل لأن المسألة
ذات علاقة بالأمن القومي الخليجي».
ويتوقع
شمسان أن يكون تحرير تعز انقلاباً في مدخلات المعركة ضد الانقلابيين، وستمتد بمعنويات
عالية وتطورات سريعة دراماتيكية ستجعل الكثير من الجماعات، حتى تلك التي كانت متحالفة
مع الحوثي وصالح، تعلن تخليها عن تحالفها معهم. ويوضح أن»حصر الحوثيين في فضائهم المجتمعي
القبلي بشمالي اليمن، خصوصا صعدة، دون تدمير وسحب الأسلحة التي نهبوها تجعلهم على شاكلة
حزب الله اللبناني، وبذلك فإن اليمن والسعودية ودول الخليج لن تعرف الاستقرار، لأن
الخطر الحوثي الإيراني في خاصرتهم جميعاً، وفي هذا الوقت فإن المعطيات مناسبة لاجتثاث
هذا التهديد»، وستكون قاعدة العند
مفتاحاً للنصر في الحرب ضد المتمردين الحوثيين.
القاعدة
«الأسطورية»
وكانت
قاعدة العند تسمى «القاعدة الأسطورية» نظراً لقوتها وشدة تحصينها،
وقد تم بناؤها في عهد الحزب الاشتراكي اليمني الذي حكم الجنوب لنحو ربع قرن، وكانت
تستخدم لتدريب الطلاب الذين ينهون الثانوية العامة كجزء من الخدمة الوطنية الإجبارية،
المعروفة حينها في الجنوب ب«التجنيد»، كما استخدمت القاعدة مركز
مراقبة متطوراً للاتحاد السوفييتي أثناء الحرب الباردة في وقت كانت فيه جمهورية اليمن
الديمقراطية الشعبية محسوبة على دول أوروبا الشرقية.
واستخدمت
القاعدة في الحروب التي تم خوضها بين الشمال والجنوب قبل إعلان دولة الوحدة العام
1990، إلا أن الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح تمكن من السيطرة عليها في السابع عشر
من شهر مايو/أيار من العام 1994 بعد معارك طاحنة في إطار الحرب التي شنها صالح ضد الجنوب
تحت شعار الحرب ضد المرتدين والانفصاليين.
في
17 مايو/ أيار خاضت القوات الشمالية والجنوبية، معارك عنيفة حول قاعدة العند الجوية،
وتبادلا القصف المدفعي المكثف، وفي 19 من الشهر ذاته وبعد اشتباكات عنيفة طوال يومين
سقطت القاعدة الجوية جزئياً، وفي 25 مايو وبعد معركة دامت لأربع ساعات سقطت قاعدة العند
في أيدي قوات العمالقة، المؤيدة للرئيس المخلوع.
ويتمركز
في القاعدة اللواء 30 طيران و39 طيران، واللذان يتبعان القوات الجوية والدفاع الجوي
ضمن عمليات المنطقة العسكرية الرابعة، إلا أن هذا اللواء تم تحييده تماماً بفعل الضربات
التي وجهتها إليه طائرات التحالف العربي في الأيام الأولى من التدخل الذي جاء بطلب
من الرئيس هادي.
محاولة
المقاومة الشعبية الجنوبية لاستعادة قاعدة العند «العنيدة»، كما وصفها نائب الرئيس السابق
علي سالم البيض أثناء حرب العام 1994 تؤكد أهمية القاعدة ، وكم أنها تحولت إلى فاتحة
شهية للمتحاربين كافة للاستفادة من موقعها باعتبارها واحدة من أهم القواعد العسكرية
في اليمن.
أهميتها
للأمريكيين
واكتسبت
قاعدة العند أهمية استثنائية للولايات المتحدة الأمريكية، إذ إنه بعد هجمات 11 سبتمبر/
أيلول 2001 تحولت القاعدة إلى مركز رئيسي للقوات الأمريكية لجمع المعلومات الاستخباراتية
وعمليات مكافحة الإرهاب في جنوبي اليمن، كما أصبحت القاعدة منطلقاً لهجمات الطائرات
الأمريكية المعروفة ب«الدرونز» على تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة
العربية، وكانت تضم نحو 100 جندي بينهم عناصر من القوات الخاصة.
وبحسب
مصادر عسكرية يمنية فإن واشنطن وسّعت المبنى الذي كانت فيه قواتها داخل القاعدة، وأنشأت
محطة للتزوّد بالوقود بأنواعه، إضافة إلى إنشاء محطة خاصة لتوليد الطاقة الكهربائية
على مدار الساعة لتزويد موقعها بالكهرباء.
وكان
التواجد الأمريكي في قاعدة العند أثناء حكم الرئيس السابق علي عبد الله صالح ومن بعده
الرئيس عبد ربه منصور هادي سبباً في مهاجمة تنظيم القاعدة للقاعدة العسكرية، حيث شن
عناصر التنظيم عدة هجمات على القاعدة كان آخرها في الحادي عشر من شهر ديسمبر/كانون
الأول من العام الجاري، حيث أطلق عناصر القاعدة عدداً من قذائف الهاون على القاعدة
الجوية من دون أن تسفر عن قتلى في صفوف العسكريين الأمريكيين.
وجاءت
هجمات تنظيم القاعدة بعد أن توعد بشن هجمات عنيفة على مراكز تواجد القوات الأمريكية
رداً على العملية العسكرية التي شنتها قوة أمريكية - يمنية مشتركة في منطقة وادي عبدان
القاحل في محافظة شبوة في نفس الشهر، وهدفت إلى تحرير رهائن يحتجزهم التنظيم، وانتهت
بمقتل رهينة أمريكي وآخر من جنوب إفريقيا و7 من مسلحي تنظيم القاعدة.
وقد
حرصت ميليشيات جماعة الحوثي وقوات الرئيس المخلوع على السيطرة على قاعدة العند في الأيام
الأول للحرب التي شنوها على قوات الشرعية برئاسة الرئيس عبد ربه منصور هادي، وذلك من
منطلق إدراكهم للأهمية التي تحتلها القاعدة كنطقة انطلاق للقوات البرية التي تحتويها
القاعدة وإمكانية استخدامها في تعزيز جبهات القتال المختلفة باتجاه مدينة عدن.